بدأت المعرفة اللغوية في القرون الإسلامية الثلاثة الأولى واضحة السمات بارزة المعالم في مختلف مناحيه؛ وإن كانت العلوم القرآنية أسبق نشأة من علوم العربية إلا أنها كانت مؤثرة بشكل عظيم في تأصيل المعارف اللغوية وتحديد معالمها فمثلما أثرت الرواية الحديثية والقرآنية في نقل المعرفة اللغوية، أثّرت كتب التفسير، وكتب الغريب، والمجاز، ومعاني القرآن في نشأة علم المعجم العربي؛ فهذا التأثير أنتج علما معجميا متقدما ظهرت فيه المعاجم الموضوعية المتخصصة مثل: المخصص، ومعاجم المعاني ، والمعاجم المرتبة ترتيبا صوتيا مثل: العين، وغيرها، ومع كثرة التأليف المعجمي إلا أن كلّ معجم احتفظ بخصائصه التي تجعله يضيفُ بشكل ما إلى علم المعجم.
وفي العصر الحديث صار البحث المعجمي وثيق الصلات بعلم الدلالة حيث وجدت دراسات كثيرة في هذا الحقل المعرفي وصارت الصناعة المعجمية أكثر تطورا وانغماسا في النظريات اللغوية المعاصرة.
وعند هذه المسلمات المعرفية أردنا سبْر هذه المفارقة في التصنيف اللغوي المعجمي بدراسة هذه المراحل التاريخية في نشأة الصناعة المعجمية وتطورها في العصر الحديث، وارتباطها بكل ما يتعالق معها؛ لذلك فإن عنوان هذا المحفل العلمي: “المعجم العربي بين التراث والمعاصرة”